٢٢ أيار ٢٠٢٥ 
لم يسبق في تاريخ الجمهورية اللبنانية أن بقي موظف على رأس عمله دون راتب لشهر أو شهرين، فكيف يُعقل أن يستمر موظف في اتحاد بلديات بعلبك 17 شهرًا من دون أي أجر، ومع ذلك يواظب على عمله يومًا بعد يوم؟ رئيس الاتحاد لم يترك بابًا إلا وطرقه؛ من وزراء ونواب ومديرين عامين وفعاليات، ناشدهم جميعًا للإفراج عن أموال الاتحاد المحتجزة من مخصصات الصندوق البلدي المستقل، الراقدة في أدراج وزارة المالية، كما هي حال معظم البلديات والاتحادات في لبنان. لكن الفرق الجوهري هنا أن اتحاد بلديات بعلبك لا يملك أي مصدر دخل سوى مخصصاته من الصندوق البلدي، إلى جانب حصصه من البلديات الأعضاء، التي تعاني بدورها من الوضع المالي ذاته، وتعجز عن تسديد ما يتوجب عليها، بسبب احتجاز مستحقاتها أيضًا. هذه البلديات بالكاد تتمكن من تسيير شؤونها ببعض الجباية التي لا تكفي حتى لتغطية تكاليف المحروقات، أو جزء من رواتب الموظفين. أما أزمة رواتب موظفي الاتحاد، فهي مستمرة رغم صبر الموظفين الطويل، المستند إلى الوعود المتكررة التي تلقاها رئيس الاتحاد من الجهات المعنية، بالموافقة على طلب السلفة التي تقدّم بها الاتحاد لوزير الداخلية والبلديات السابق، والتي نالت بالفعل الموافقة، لكنها وبعد تحويلها الى وزارة المالية بقيت حبيسة أدراج الوزارة. كما أن سلفة الخزينة التي أقرها مجلس الوزراء السابق لكل البلديات والاتحادات، والتي نُشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 28/11/2024، لم تُحوّل حتى اليوم. رئيس الاتحاد وجّه كذلك كتابًا إلى وزير المالية يشرح فيه أزمة الاتحاد ويطالب بالموافقة على صرف السلفة، لكن دون أي استجابة، في ظل تذرّع وزارة المالية بعدم اكتمال الموافقات الإدارية من وزارة الداخلية. وهكذا، تستمر لعبة تبادل المسؤوليات بين الوزارات، فيما يغيب أي بصيص أمل. عمال وموظفو الاتحاد نظموا عدة وقفات احتجاجية، أمام مركز الاتحاد وأمام سراي المحافظة، ووجهوا كتبًا إلى الجهات السياسية المعنية، من دون أن يحصلوا على أي نتيجة. وكانت الذريعة المتكررة من قبل الوزارة أن لا صرف لأي مستحقات أو سلف قبل انتهاء الانتخابات البلدية. أما وقد انتهت الانتخابات في منطقة البقاع، فما هو المبرر اليوم لعدم صرف المستحقات أو الموافقة على دفع السلفة التي طالب بها رئيس الاتحاد؟ وإذا كان تبرير وزارة الداخلية صحيحًا، فهل سنشهد تحركًا بعد انتهاء الانتخابات في باقي المناطق خلال أيام قليلة؟ العمال والموظفون صبروا كثيرًا، لكن صبرهم بدأ ينفد، وهم يلوّحون اليوم بخيار الإضراب العام، وعلى من أوصلهم إلى هذا الحال أن يتحمل مسؤولية ما قد يترتب على أي خطوة تصعيدية قادمة |