الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > العمالة في لبنان: 62.4 % يعملون بشكل غير «شرعي»

٧ أيلول ٢٠٢٥

كتبت ربى أبو فاضل

تعد اليد العاملة في لبنان العمود الفقري لأي نشاط اقتصادي، سواء في المصانع أو المنشآت التجارية أو المنازل، إذ يعتمد الاقتصاد على جهود العمال المحليين والأجانب على حد سواء للحفاظ على دوران عجلة الإنتاج والخدمات، ورغم الأهمية الكبيرة لهذه الفئة، يعيش العمال واقعا مزدوجا، بين قوانين تحمي حقوقهم، وواقع عملي مجحف يتعرضون فيه لانتهاك حقوقهم الأساسية، وسط غياب الرقابة الفعلية على أصحاب العمل.

ورغم أن قانون العمل اللبناني يكفل حقوقا أساسية للعمال بما في ذلك الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل، الإجازات السنوية، والتأمين الصحي، ويهدف إلى حمايتهم من الاستغلال والتمييز، فإن التطبيق العملي لهذه الحقوق يبقى محدودا بسبب ضعف الرقابة، غياب العقوبات الحقيقية على المخالفين، والتهرب من الالتزام بالقوانين.

يشار إلى أن قانون العمل اللبناني من أقدم القوانين في المنطقة، حيث صدر في عام 1946و يهدف إلى تنظيم العلاقة بين العمال وأرباب العمل، وتحديد حقوق وواجبات كل طرف.

هذا الواقع يولد شعورا بالغبن لدى العمال اللبنانيين ويزيد الضغوط على العمال الأجانب، الذين يضطرون الى قبول شروط عمل قاسية لضمان استمرارهم في وظائفهم، الفجوة بين القانون والنصوص التطبيقية تجعل العمال اللبنانيين محرومين من حماية فعلية، بينما يواجه العمال الأجانب تحديات إضافية في بيئة عمل غالبا ما تتسم بالاستغلال.

فقد أكدت مريم، عاملة في قطاع المطاعم في بيروت، قائلة "أحيانا أجد أن صاحب العمل يفضل توظيف شاب أجنبي بأجر أقل، رغم أنني أملك الخبرة نفسها، وهذا يشعرني بأن جهودي ومهاراتي لا تقدر كما يجب، وهذا محبط جدا"، أما سامي وهو عامل لبناني في ورشة نجارة، فيقول "أحيانا أرى العمالة الأجنبية تأتي وتعطى مهام أفضل أو ساعات عمل أطول مقابل أجر أقل"، مضيفا: "يقولون إن القانون يحمينا، لكن التطبيق عمليًا مختلف".

وفي المقابل نجد العامل الاجنبي له شكواه وليس راضيا ويواجه تحدياته الخاصة كما أكدت ماريا وهي عاملة منزلية أجنبية "أحيانا أعمل لساعات طويلة وأتقاضى أجرا أقل من المتفق عليه، لكنني مضطرة الى قبول ذلك للحفاظ على عملي" مشيرة إلى أن بعض أصحاب العمل يفضلون العمال الاجانب لانهم يقبلون العمل دون جدال أو شروط، وقد ايد حسن وهو العامل في قطاع البناء هذا الرأي مضيفاً "الموظفون اللبنانيون غالبا يرفضون بعض الأعمال الشاقة أو العمل لساعات إضافية، بينما نحن لا نملك خيارا سوى قبول كل شيء".

من جهة أخرى، يوضح خالد، صاحب منشأة صناعية صغيرة مبررا تفضيله العمالة الاجنبية على المحلية بقوله "أحيانا نضطر الى توظيف العمالة الأجنبية بسبب المرونة التي يقدمونها في ساعات العمل ودرجة الالتزام، لكن هذا لا يعني أننا لا نقدر العمالة المحلية، بل الظروف الاقتصادية تضطرنا أحيانا الى ذلك"، بينما يقول سعيد وهو صاحب فرن في بيروت " اللبناني لا يقبل العمل في بعض الاعمال التي يقبلها العامل الاجنبي لذلك أضطر انا وغيري من أصحاب المهن إلى الاستعانة بالاجنبي".

بعض خبراء الاقتصاد يرى أن "وجود العمالة الأجنبية في لبنان ليس ذا أبعاد سلبية، بل يشكل ضرورة للاقتصاد اللبناني حيث يساهم في جعل الصناعة المحلية في لبنان أكثر تنافسية ويخفض تكلفة الإنتاج، ويزيد من القدرة على التصدير مما يساعد على ضخ مزيد من الدولارات الأميركية لداخل لبنان، كما أنه يعمل على استمرار العمل في المهن والوظائف التي لا يقبل المواطنون اللبنانيون على مزاولتها مثل العمل بقطاعات الزراعة والصناعة إلى جانب أعمال النظافة والخدمات المنزلية مما يسد الفراغ في عدد من قطاعات الإنتاج والخدمات"

وفي هذا السياق أشار وزير العمل محمد حيدر إلى أنه "قبل الأزمة كان اللبناني يعمل في الأفران وقطاعات عيددة يشغلها السوري اليوم، فهل أصبح الأمر عيبا؟ من روج لهذه الدعايات أن اللبناني لن يعمل مكان السوري هو المسؤول"، كاشفا سلسلة إجراءات اتخذتها الوزارة لمعالجة ملف العمالة الأجنبية، وأكد أن "كل مؤسسة غير ملتزمة ستواجه الإقفال، ولن نتردد في اتخاذ هذه الخطوة"، مضيفا: "نحمل المسؤولية لمن يوظف ولمن يتوظف، لأن من يعمل من دون إقامة شرعية لا يحق له العمل أساسا".

كما شدد على أن "الوضع الاقتصادي لا علاقة له بالمسألة، بل الشركات التي توظف العمالة الأجنبية تتحمل المسؤولية، إذ تعفيهم من الضمان وتدفع لهم رواتب أقل"، موضحا أن وزارة العمل "تملك الإمكانات الكافية لمعالجة الملف، لكنها تحتاج إلى دعم إداري أوسع".

 

ويشتغل الجزء الأكبر من العمالة الأجنبية في لبنان بالأعمال الزراعية والفنية والحرف اليدوية وأعمال البناء وفي محطات الوقود والأفران بالإضافة إلى أعمال النظافة والخدمات المنزلية، وتشير التقديرات إلى أن حوالى 62.4% من العمالة في لبنان تعمل بشكل غير رسمي، مما يحد من دقة الإحصاءات الرسمية.

يشار إلى أن قوانين العمل اللبنانية لا تزال تفرض على العاملين الأجانب المشتغلين بأعمال النظافة والأعمال المنزلية نظام كفالة صاحب العمل وهو ما يجعل أولئك العاملين والعاملات عرضة للاستغلال ولانتهاك حقوقهم على يد الكفيل.

هذا الواقع يجعل الكثير من العمال اللبنانيين يعيشون حالة من الإحباط، ويؤثر سلبا في الأداء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ككل، كما يسهم في تعزيز تفضيل أصحاب العمل للعمالة الأجنبية، ليس فقط لأسباب مالية، بل أيضا لعوامل اجتماعية وثقافية، إذ يرى البعض أن العمال اللبنانيين أكثر وعيا بحقوقهم وأكثر رفضا للظروف القاسية، بينما ينظر إلى العامل الأجنبي على أنه أكثر مرونة واستعدادا لقبول الشروط الصارمة دون جدال، ما يجعل اليد العاملة المحلية تواجه منافسة مزدوجة بين حماية قانونية نظرية وظروف عملية قاسية.

يشار إلى أن المجلس التنفيذي للاتحاد اللبناني لنقابات العمال والمستخدمين أشار في بيان له أن "العمالة الأجنبية تنافس اللبنانيين في معظم المهن، وتدير مؤسسات ومحالا على امتداد الأراضي اللبنانية دون رقابة، وغالبا بدعم أو تواطؤ من بعض المنتفعين، وسط صمت رسمي متعمد، وشدد الاتحاد على ضرورة وضع خطة طوارئ تشمل تنظيم العمالة الأجنبية، منع التوظيف غير الشرعي، إقفال المؤسسات المخالفة، وترحيل من انتهت صفة النزوح لديهم وفق القوانين الدولية"، ودعا الحكومة للتحرك الفوري أو الاستقالة، مؤكدا استعداده للتحرك الميداني والدفاع المشروع عن حقوق العمال اللبنانيين وكرامتهم.

هذه التحركات النقابية تعكس واقع اليد العاملة في لبنان، وحالة التوتر بين القانون، الواقع الاقتصادي، والهجرة غير المنظمة، وتأثيرها المباشر في فرص العمل للعمال اللبنانيين، ما يزيد من تعقيد ملف اليد العاملة في لبنان، ويجعل العمال اللبنانيين يعيشون منافسة مزدوجة بين حماية قانونية نظرية وظروف عملية قاسية ومن هنا تتطلب المعالجة الشاملة بتعزيز الرقابة على أصحاب العمل وتطبيق القوانين بصرامة، وضع خطة متكاملة لتنظيم العمالة الأجنبية وحماية حقوق اللبنانيين، تفعيل دور الإعلام والمجتمع المدني في نشر الوعي بحقوق العمال، اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية توازن بين حماية العمالة المحلية وضمان حقوق الوافدين.

وأصدرت الحكومة اللبنانية عام 2021 قرارا بقصر 126 مهنة على العمالة اللبنانية فقط لحماية حقوق العمال اللبنانيين المحليين والإبقاء على فُرص وافرة لهم في سوق العمل.

اليد العاملة في لبنان ستبقى قلب الاقتصاد النابض، لكنها تواجه تحديات مزدوجة بين نصوص قانونية تحميها وواقع عملي يحد من استفادتها الفعليةن ومعالجة هذه الفجوة تتطلب تضافر جهود الحكومة، النقابات، وأصحاب العمل لضمان تطبيق القوانين، تنظيم العمالة الأجنبية، وحماية حقوق العمال اللبنانيين، فعدالة العمل ليست مجرد شعار، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية تعزز الإنتاجية، وتقلل من الإحباط والتوترات في المجتمع، وتؤسس لاقتصاد أكثر استقرارا وتوازنا.

 

المصدر: صحيفة الديار 

 

ملاحظة: المواد المنشورة في هذا الباب تمثل آراء كاتبيها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ادارة الموقع.

الصفحة الرئيسية
تعريف عن الاتحاد
الجمهورية الاسلامية في إيران
موقف الأسبوع
اتحادات صديقة
متون نقابية
المخيم النقابي المقاوم
معرض الصور
أخبار عربية
أخبار دولية
مجتمع
متفرقات
إنتخابات نقابية
قطاعات اقتصادية
بيانات
تشريعات
مقالات صحفية مختارة
منصة إكس
ارشيف
أنشطة عمالية وأخبار نقابية
القطاع العام
لبنان بلا دستور
صدى النقابات
الأجندة
دراسات وابحاث
مواقف وآراء
نافذة على العدو
فرص عمل
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS

لتلقي الأخبار العمالية

إضغط على أيقونة الواتساب أدناه

 

 

أدخل على حساب الفيسبوك 

 

لمتابعة حسابنا على منصة إكس 

إنقر على الأيقونة أدناه

 

يمكنكم الدخول إلى قناة اليوتيوب

لاتحاد الوفاء بالضغط على الأيقونة أدناه

     

 
Developed by Hadeel.net