١٢ ك١ ٢٠٢٥ 
شهدت الإدارات العامة في مختلف المحافظات اللبنانية التزاماً لافتاً بالإضراب التحذيري الذي ينفّذه موظفو الإدارة العامة، في خطوة عكست حجم الاحتقان المعيشي واتساع رقعة الغضب تجاه سياسات المماطلة الحكومية في ملف الرواتب والأجور. ومع دخول التحرك يومه الثاني، تأكد أن الرسالة وصلت بوضوح: الإضراب حقق مبتغاه وأثبت قدرة الموظفين على فرض حضورهم في المشهد المطلبي. ففي البقاع بلغ مستوى الالتزام نحو 80%، فيما سجلت محافظة الشمال نسبة هي الأعلى على مستوى لبنان وصلت إلى 90%، في مشهد يعكس تماسك الموظفين وإصرارهم على المطالبة بحقوقهم. أما في جبل لبنان، فقد بلغ الالتزام 85%، وفي الجنوب 80%، بينما شهدت بيروت نسبة التزام قاربت 75% رغم التباينات الإدارية الظاهرة في بعض الدوائر. هذا الالتزام الواسع اعتبر من قبل تجمع روابط القطاع العام ورابطة موظفي الإدارة العامة دليلاً على نجاح الإضراب في توجيه رسالة مباشرة للسلطات بأن الموظفين لم يعودوا قادرين على تحمّل التدهور المعيشي، وأن مرحلة الانتظار انتهت. وأشارت الرابطة إلى أن نسب المشاركة المرتفعة تثبت أن المطالب ليست فئوية ولا ظرفية، بل تعبّر عن أزمة وجودية تهدد بقاء المرفق العام وقدرته على تقديم الخدمات. وفي الشمال وطرابلس، حيث جال عضو رابطة الموظفين المهندس إبراهيم نحّال على الإدارات، ظهر بوضوح حجم الالتزام الذي تجاوز التوقعات، مؤكداً أن التحرك "صرخة غضب في وجه سياسات دفن الرأس في الرمال". أما في الجنوب وصيدا، فرغم التباين بين بعض الدوائر، فإن غالبية الإدارات التزمت الإضراب عبر الحضور إلى المكاتب والامتناع عن استقبال معاملات المواطنين، ما عكس جدية الموظفين في إيصال الرسالة. وتشير مصادر متابعة إلى أن الإضراب نجح في إعادة تسليط الضوء على قضية الرواتب التي أهملتها الحكومة طويلاً، وخلق دينامية ضاغطة قد تدفع السلطة إلى مقاربة الملف بجدية أكبر، خصوصاً بعد توحّد أصوات الموظفين في المحافظات كافة. وبذلك، يمكن القول إن الإضراب التحذيري – بنسبة التزامه الواسعة وصداه الشعبي والإداري – قد حقق هدفه الأول: إثبات قدرة الموظفين على فرض قضيتهم على جدول الأعمال، والتأكيد أن تجاهل مطالبهم لم يعد خياراً ممكناً. |