الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مواقف وآراء > سلسلة الرتب والرواتب… شماعة الانهيار أم الحقيقة المغيبة بالأرقام؟

٢ ت٢ ٢٠٢٥

رداً على من يدعي ان سلسلة الرتب والرواتب كانت سبباً في الانهيار المالي والاقتصادي؟ إليكم الحقيقة مدعمة بالوقائع والأرقام:

 

قبل ولادة السلسلة ، وعلى مدى ١٩ سنة من السنوات العجاف كان الدين العام يتراكم ويتجه صعودا على متن صاروخ بالستي نحو ارقام كان أبسط العارفين بالشأن الاقتصادي يعلمون انها لا تتناسب مع حجم اقتصاد بلد كلبنان. 

لكن دوماً ثمة دخان كان يثار لتضليل الناس، كانت تفتعله وتغذيه مقولات سخيفة على غرار : إن اقتصاد لبنان حالة فريدة، وإن القطاع المصرفي هو ممول الاقتصاد وهو الحامي (لا الحرامي)، وأن عبقرية حاكم المصرف المركزي (الفذة) هي ضمانة عدم الإنهيار. 

ومع الولادة الميمونة للسلسلة بموجب القانون رقم ٤٦ تاريخ ٢١ آب ٢٠١٧، كان الدين العام (بلا جميلتها) قد تخطّى عتبة ٧٦.٤ مليار دولار أميركي.

ولولا الحياء لجرى تحميل السلسلة عبء هذا الدين السابق على ولادتها، علماً أن القاصي والداني يدرك كيف تكوّن وكيف تراكم.

ولا تعوز الباحث سوى نظرة سريعة على تاريخ ورشة النهب التي كانت ناشطة منذ ما بعد الطائف، ليدرك كيف أن معول هدم الاقتصاد وتجهيز البلد بناسه ومقدراته ليوم الإنهيار كان قائماً على قدم وساق.

فعلى مدى أعوام كانت ثروات مجموعة صغيرة من اللاعبين الاقتصاديين (اي الهيئات الاقتصادية، وهو الاسم الجهادي للحيتان) تتزايد وتتضخم بفعل فوائد سندات الدين، بحيث بلغت حصة ١٤ مصرفاً منها نسبة ٤.٥ بالمائة من الناتج الإجمالي، علماً انها في ألمانيا (قائدة الاتحاد الأوروبي) لا تتعدى ‪٠،٢‬ ٪.

وتتحدث دراسة أعدها مركز (مالكوم كير – كارنيغي للشرق الأوسط) أنه قبل عشرين سنة كانت أرباح القطاع المصرفي في لبنان برمتها تقارب ٤٣٦ مليون دولار، ثم راحت تتضخم، إلى أن بلغت أرباح بنك لبنان والمهجر وحده عام ٢٠١٧ (أي عام صدور السلسلة) مبلغ ٧٣١ مليون دولار. 

وهي مكاسب "تضارع أرباح سادس اكبر مصرف في المملكة المتحدة"، طبعاً مع لزوم لحظ الفارق الشاسع بين حجم الاقتصادين اللبناني والبريطاني.

كما أن أرباح بنك عودة بلغت في العام ذاته ٥٥٩ مليون دولار متجاوزة أرباح بنك ستاندرد تشاردر سابع اكبر مصرف من حيث الأرباح في المملكة المتحدة.

ونظرة أخرى على خارطة توزيع الثروات التي نشأت بفعل ورشة النهب تلك، نجد مثلاً أن ١ % من الأغنياء قد بسطوا سيطرتهم على ٢٥% من الدخل القومي، وأن ٠.١ % من حسابات كبار المودعين هيمنت على ما نسبته ٢٠ % من إجمالي الودائع.

وطبعاً كل تلك الثروات الطائلة التي تكدست لم تنشط لتحقيق نموٍ اقتصادي مستدام ولا لدعم قطاعات إنتاجية صناعية او زراعية او لبنى تحتية او استثمارات مجدية، وإنما جل عملها انحصر في المضاربة على مقدرات الاقتصاد الحقيقي، بأدوات وهندسات تفننوا في ابتكارها لإلباس السرقة لباس التقى والصلاح. 

فلما جف الضرع الحلوب، وانكشف سحر هندسات السرقة المالية، انسل السحرة خفيةً فوق مكانسهم من مدخنة شرشبيل ، وانسابت الثروات من قرية السنافر الى الخارج، بقدرة قادر وتحت جنح الظلام.

اما سلسلة الرتب والرواتب فقد قيض لها أن تحيا ما يقرب من سنتين وأربعة أشهر، من نهاية آب عام ٢٠١٧ إلى حين وفاتها عملياً في بداية العام ٢٠٢٠ مع تخطي الدولار عتبة ال ٢٥٠٠ ليرة.

وبالرغم من انها قضت شهيدة وهي طفلة تحبو، على مذبح التضخم، الا انها حُمّلت من الأوزار ما لا تحتمل، لدرجة كدنا معها نصدق انها سبب افلاس البلد.

ومع أنها كانت مجرد خطوة صغيرة ومطلوبة ومتأخرة جداً في مسار اعادة توزيع الثروة، والتخفيف من أثر عدم المساواة الإجتماعية الإقتصادية التي خلقتها سياسة الاقتراض. إلا أنه جرى ويجري تصويرها على أنها يهوذا الاسخريوطي الذي افضت خطيئته إلى هذا التدهور المريع في الجانبين الإقتصادي والاجتماعي.

مع ان الأرقام، لمن شاء الاحتكام إليها، تدحض كل هجمات المغرضين على السلسلة، وتنفي تهمة الخطيئة عن أهم إنجاز حققته الحركة المطلبية في القطاع العام، لولا أن تم إجهاضه بفعل وقوع البلد في براثن الغيلان النهمة.

لقد بلغت كلفة السلسلة، طيلة حياتها القصيرة التي لم تدُم سوى 28 شهراً، ما يقارب ثلاثة مليارات دولار، استفادت منها ٣١٠٠٠٠ أسرة موزعة بين الأسلاك العسكرية (٦٧%) والهيئات التعليمية (١٩%) وملاك الإدارات العامة (١٤%).

وفي المقابل ارتفع الدين العام الإجمالي من ٧٦.٤ مليار دولار أميركي، في نهاية شهر حزيران ٢٠١٧، إلى ٩١.٦ مليار دولار في نهاية عام ٢٠١٩، أي أن قيمة الزيادة بلغت ١٥.٢ مليار دولار.

فإن تكن حصة ثلاثمائة وعشرة آلاف أسرة من الزيادة بلغت ثلاثة مليارات دولار تم ضخها في السوق الداخلي وأسهمت في إنعاش الحركة الاقتصادية، فإن المبلغ المتبقي وقوامه ١٢.٢ مليار دولار، إنما ذهب لجيوب قلة من أصحاب المصارف وشركائهم من ذوي السلطة والنفوذ، ثم عرف، لاحقاً، طريقه نحو التهريب إلى الخارج، في حمأة تهافت الناس على سحب ودائعهم الهالكة.

ولو أن السلسلة لم تكن موجودة لذهبت المليارات الثلاثة أيضاً إلى بطن الحوت المتمثل بجيوب هؤلاء، وما كان عدم وجودها ليمنع انهيار البلاد في قليل أو كثير، وما كان يمكن له أن ينقذ أموال الناس من الضياع.

وللتذكير فقط إن أولئك الذين لا عمل لهم اليوم سوى طعن السلسلة (بعد وفاتها)، هم أنفسهم الذين كانوا ينهبون سنوياً ما يعادل نحو ٩.٥ مليار دولار، كفوائد على سنداتهم على أساس متوسط لسعر الفائدة قوامه 7%. 

وهم أنفسهم من طالب بدفع مستحقات خدمة الدين البالغة ملياراً و٢٠٠ مليون دولار في آذار ٢٠٢٠على أن تليها (فيما لو سُددت) دفعة اخرى في نيسان من العام ٢٠٢١ قيمتها ٢.٠٩٢ مليار دولار، أي ما يتخطى بمجموعه في سنة واحدة الكلفة الكلية للسلسلة منذ تاريخ استحقاقها.

يقول بعض علماء الحيوان ان نقطة ضعف الحوت تكمن في زاوية عمياء تحجب عنه بعض مجال رؤيته، فتغيب عن بصره تفاصيل تسمح لصغار السمك المساكين بالنفاذ من فكه القاتل. 

اما حيتاننا، والمنظرون لهم ممن يدعون الخبرة الاقتصادية، فيبدو انهم تمرسوا في تحويل نقطة ضعفهم الى فائض قوة، بحيث لا يَرَوْن من الأرقام الا ما تزينه لهم غريزة الافتراس، ولذا يصعب على ضحاياهم النجاة.  

لنتذكر مثلاً اكتشافهم عام ٢٠١٦ الذي سبقوا به فاسكو دي غاما، حينما شمروا عن سواعدهم للبدء بورشة الإصلاح، فاتضح لهم ان اجر العامل اليومي هو السبب الذي يفرمل عجلة الاقتصاد في البلاد، فروجوا لتعديل الحد الأدنى لأجر العامل المياوم بحيث يصبح ٢٦ ألف ليرة بدلاً من ٣٠ ألف ليرة، وهو ما استجاب له جهابذة السلطة فبصموا، في عجلة يحسدون عليها، على المرسوم رقم ٣٧٩١/٢٠١٦ الذي كرس هذه "القفزة الإصلاحية".  

ومنذ ذلك الحين لا زالت الاكتشافات تتوالى، والأفراح في ديار القوم عامرة، 

فكلما طاب لهم التغطية على أعمال النهب التي كانت ولا زالت السبب الحقيقي للانهيار، سارعوا لتحميل الأجور في القطاع العام سبب ذلك، لكي لا تسري عدوى تحسين الأجور إلى القطاع الخاص، وليبقى العامل في القطاع الخاص والموظف في القطاع العام رهينة الطمع والجشع والتكالب على تكوين الثروات من عرق وكد الفئة الأضعف في الحلقة الاقتصادية. مراهنين على ان لا احد يحسب، ولا احد يقرأ حقيقة الأرقام التي تدينهم، وتُظهر بشكل قاطع انهم هم سبب افلاس البلد، وليست ابداً الأجور في القطاع الخاص ولا الرواتب في القطاع العام. 

د. ذيب هاشم

 

تنويه:

 

الآراء والمواقف المنشورة في هذا الباب تعبّر عن رأي صاحبها فقط، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي أو توجهات إدارة الموقع .

الصفحة الرئيسية
الجمهورية الاسلامية في إيران
تعريف عن الاتحاد
موقف الأسبوع
اتحادات صديقة
متون نقابية
المخيم النقابي المقاوم
معرض الصور
أخبار عربية
أخبار دولية
متفرقات
مجتمع
إنتخابات نقابية
بيانات
قطاعات اقتصادية
منصة إكس
تشريعات
مقالات صحفية مختارة
منصة إرشاد
ارشيف
ثقافة وتربية
أنشطة عمالية وأخبار نقابية
القطاع العام
لبنان بلا دستور
صدى النقابات
الأجندة
دراسات وابحاث
مواقف وآراء
نافذة على العدو
فرص عمل
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS

لتلقي الأخبار العمالية

إضغط على أيقونة الواتساب أدناه

 

 

أدخل على حساب الفيسبوك 

 

لمتابعة حسابنا على منصة إكس 

إنقر على الأيقونة أدناه

 

يمكنكم الدخول إلى قناة اليوتيوب

لاتحاد الوفاء بالضغط على الأيقونة أدناه

     

 
Developed by Hadeel.net