٥ ت٢ ٢٠٢٥ 
. معن خليل في جلسة مجلس الوزراء، في 23 تشرين الأول الماضي، أثبتت الحكومة اللبنانية، أنها لم تتعلّم شيئاً من الانهيار الذي دمّر البلد. فبدل أن تبدأ بإصلاح ما تبقّى من مؤسسات الدولة، قرّرت تجديد عقد إشغال نادي الغولف اللبناني، لسبع سنوات إضافية، مقابل تسعة مليارات ليرة لبنانية فقط، أي نحو مئة ألف دولار سنوياً، وهو مبلغ يقلّ عن إيجار شقّة صغيرة في بيروت. بهذا القرار، شرّعت الحكومة رسمياً، نهباً مقونناً لأملاك الدولة، في قلب العاصمة، وكأنّ الخزينة العامة لا تزال فائضة، أو كأنّ الفقر لم يبتلع ثلاثة أرباع الشعب. نادي الغولف، يشغل أكثر من 400 ألف متر مربع، من أغلى أراضي لبنان، لا يملك منها سوى جزء يسير، بينما يحقّق أرباحاً كبيرة من استثمارات في مطاعم ومسابح وملاعب تنس وحفلات وأنشطة تجارية تُستوفى بالدولار الفريش نقداً، من الزائرين والأعضاء. يجني النادي مئات آلاف الدولارات سنوياً، فيما لا تحصل الدولة سوى على مئة ألف دولار، كبدل إشغال، لا توازي حتى إيجار مطعم متوسط في بيروت، أو في بعض أحياء الضاحية. الدولة التي تترك مرضاها على أبواب المستشفيات، وتغلق مدارسها الرسمية بحجّة الإفلاس، لم تجد حرجاً في تجديد عقد نادٍ للنخبة، يرتاده الميسورون والسفراء والمصرفيون. حتى محاولة وزير الصحة، ركان ناصر الدين، لرفع البدل قوبلت بالتجاهل، كما أُهملت اقتراحات وزير الأشغال السابق، علي حمية، برفع الإيجار إلى قيم عادلة. هكذا تكرّس السلطة مبدأ «القانون للفقراء، والمحاباة للأغنياء»، وتؤكّد أنّ من يملك النفوذ لا يُحاسَب بل يُكافَأ. الجميع يعرف العلاقة الوطيدة بين رئيس الحكومة، نواف سلام، ورئيس النادي كريم سليم سلام، علاقة تختصر معنى الدولة الزبائنية، التي تُدار بالمصالح والقرابة لا بالقانون. حتى مشروع اتحاد بلديات الضاحية عام 2018، الذي كان يقضي بإنشاء واحة عامة على خمسين ألف متر مربّع، مقابل مليون دولار سنويّاً، قُبر لأنه يخدم الناس لا النخبة. القرار الأخير ليس خطأً ماليّاً، بل خيانة علنية للمال العام، ودليل إضافي على أنّ الفساد في لبنان، لم يعد استثناءً، بل نظام حكم كامل. نادي الغولف، لم يعد مساحة خضراء، بل رمزاً لوقاحة سلطةٍ تبيع كرامة الدولة، بثمن حفلة كوكتيل في مطعم خاص. هكذا تنتصر القلّة المحظية مرة أخرى، وتخسر الدولة والناس... والوطن. * الرئيس السابق لبلدية الغبيري. نُشر في الأخبار تنويه: الآراء والمواقف المنشورة في هذا الباب تعبّر عن رأي صاحبها فقط، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي أو توجهات إدارة الموقع . |